[المطلب الثاني في أن الله تعالى موجود حي عالم سميع بصير قادر]
وذهبت الإسماعيلية من الرافضة إلى أنه تعالى ليس بموجود ولا معدوم، ولا واحد ولا متعدد، ولا عالم ولا جاهل، ولا قادر ولا عاجز، ولا سميع ولا أصم، ولا بصير ولا أعمى، ولا حي ولا ميت. وهو باطل.
والحق ما ذهب إليه أهل السنة وجمهور الفرق الإسلامية من أنه تعالى موجود، واحد، حي، عالم، قادر، سميع، بصير؛ كما نطقت به النصوص، كقوله تعالى:{الله لا إله إلا هو} فإن الإله إما اسم جنس أو لا، وعلى الأول فالخبر إما محذوف أو لا، والمحذوف إما أن يكون من الأمور الخاصة؛ مثل لنا، أو للخلق، أو مستحق للعبودية، أو غير ذلك مما يناسب المقام، أو من الأمور العامة؛ وهو إما واحد أو متعدد؛ فإن كان واحدا فهو إما موجود؛ ولا حاجة إلى نفي الإمكان للإجماع على أن غير الموجود لا يكون إلها، ولأنه رد لمن يقول بتعدد الآلهة، ولأن الموجود أعم من الموجود بالفعل أو بالقوة، وأما كون وجوده تعالى ممكنا؛ فيعلم من لفظ الله؛ فإنه اسم للذات المستجمعة لجميع الصفات، ومن تلك الصفات الوجود، وإن كان من الأمور الخاصة؛ فالدال عليه لفظ الله أيضا، وإن كان متعددا فهو موجود ممكن، فيفيد وجوده تعالى بالفعل، وعدم إمكان غيره، وأما على تقدير عدم حذف الخبر بناء على لغة بني تميم فإنهم لا يثبتون الخبر لا لفظا ولا تقديرا، فلا بمعنى انتهى اسم فعل، وإلا بمعنى غير صفة الإله، فيفيد أن الله تعالى موجود بصفة العبودية، وغيره ليس بإله. وقد جوز سيبويه وكثير من المتقدمين وقوع إلا صفة مع صحة الاستثناء من غير ضعف، قال سيبويه:"يجوز في قولك لا رآني أحد إلا زيد أن يكون إلا زيد صفة"، وعليه أكثر المتأخرين من النحويين، وعليه قول الشاعر: