لأن الإفحام مشترك، فإنه غير ضروري والمدعى مكابر، فللمكلف أن يقول ذلك بعينه، ولأن النبي يقول له: قد أخبرتك بما إن أذعنت أجداك، وإلا ضرك، وإن كنت في ريب مما أخبرتك به فالتفت إلى معجزتي فإنك إن التفت إليها عرفت صدقي، وإلا هلكت، ولا ضرر علي إن هلكت وهلك سائر الناس أجمعين، وإنما علي البلاغ المبين.
وهذا القول يضاهي قول من قال للواقف في واد من الأودية: إن وراءك يا من هو في غفلة أسد، فإن لم تتزحزح عن هذا الموضع افترسك، وإن التفت وراءك ونظرت عرفت صدقي، فقال: لا يثبت صدقك ما لم التفت، ولا أنظر ورائي ما لم يثبت صدقك. فإنه يدل على فرط جهالة الواقف وأنه استهدف نفسه للبلاء والردى. كذا قاله حجة الإسلام الغزالي في الإحياء.
واحتجت أيضا بأنه لو وجب النظر شرعا لزم تكليف العاقل. وهو أيضا باطل، لأنه ليس منه في شيء؛ لأنه يفهم الخطاب، ويتصور التكليف، وإن لم يصدق به.