المطاعن الرابعة في أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنهامنها أنها خرجت إلى البصرة وقد نهاها الله تعالى عن الخروج وأمرها بالاستقرار في منزلها، فقال الله عز وجل:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}، فهتكت حجاب الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وتبرجت في محفل يزيد على ستة عشر ألفا.
والجواب أن الأمر بالاستقرار في البيوت والنهي عن الخروج ليس بمطلق. ولو كان مطلقا لما أخرجهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول الآية إلى الحج والعمرة والغزوات ولا رخص لهن بزيارة الوالدين وعيادة المريض وتعزية أقاربهن. واللازم باطل فكذا الملزوم. والمراد من هذا الأمر والنهي تأكيد التستر والحجاب بأن لا يدرن ولا يحمن في الطرق والأسواق كنساء العوام. ولا منافاة بين الخروج وبين التستر والحجاب. ألا ترى أن المخدرات من نساء الأمراء والملوك يخرجن من بلد إلى بلد ومعهن جمع من الخدم والأتباع. ولا سيما إذا كان السفر متضمنا لمصلحة دينية أو دنيوية كالجهاد والحج والعمرة. وسفر أم المؤمنين كان من هذا القبيل، لأنها خرجت لإصلاح ذات البين وأخذ القصاص من قتلة عثمان المقتول ظلما وعدوانا، وذلك لا يعد تبرجا.
ويجاب أيضا بأن ما طعنوا به أم المؤمنين وجد في فاطمة أيضا لما ثبت في كتبهم بطريق التواتر أن الأمير قد أركب فاطمة على مطية وطاف بها محلات المدينة ومساكن الأنصار طالبا منهم الإعانة على ما غصب من حقها زمن خلافة الصديق.