ذهبت المنصورية والحميرية والقرامطة والجناحية والكاملية والباطنية والخطابية والرزامية والمعمرية إلى أن عذاب القبر غير واقع.
وهو باطل. والحق ما ذهب إليه أهل السنة لقوله تعالى:{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا} فإنه يدل على أن دخول النار بعد الغرق في البحر بلا تراخ لمكان الفاء هو عذاب القبر لقوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} فإنه تعالى عطف عذاب القيامة على عرض النار عليها غدوا وعشيا، فهو لا محالة غيره وقبل يوم القيامة فهو إذا في القبر.
ولما رواه الشيخان عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عذاب القبر حق". وأخرجا عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، وهو ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، فيراهما جميعا. وأما الكافر والمنافق فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين".