منها جواز التقية على الرسل عليهم الصلاة والسلام. روى الكليني عن أبي بصير قال:"قال أبو عبد الله: إن التقية من دين الله، قال: والله من دين الله، ولقد قال يوسف عليه السلام:{أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} والله ما كانوا سرقوا شيئا، ولقد قال إبراهيم:{إِنِّي سَقِيمٌ} والله ما كان سقيما". وروى ابن بابويه في الأمالي:"أنه سأله أبا عبد الله هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتاقي؟ قال: أما بعد نزول: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فإنه يدل على أن النبي تجوز التقية وتجب عليه".
والجواب أن هذه الروايات لا أصل لها. ونص القرآن يدل صراحة على أنهم لم يتاقوا. قال تعالى:{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ}. ومقتضى كلامهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تاقى بضعا وعشرين سنة، لأن الآية -أعني قوله تعالى:{وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} - نزلت بعد الفراغ من حجة الوداع، والتقية لا تكون إلا من الخوف والجبن، فيلزم ترجيح سائر الأنبياء عليه عليه الصلاة والسلام لأنهم لا يخشون أحدا إلا الله، مع أنه - صلى الله عليه وسلم - سيد ولد آدم، بل آدم ومن دونه تحت لوائه.