ذهبت الزرارية وبكير بن أعين وسليمان الجعفري ومحمد بن مسلم من عيون الإمامية ورواة شطر من أخبارهم وغيرهم إلى أن علمه تعالى وسمعه وبصره حادث. قال زرارة بن أعين:"لم يكن الله تعالى عالما في الأزل ولا سميعا ولا بصيرا حتى خلق لنفسه علما وسمعا وبصرا". وهو باطل.
والحق ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة وغيرهم من الفرق الإسلامية من أن صفاته تعالى كلها أزلية، لأن كل ما يتصف به سبحانه يلزم أن يكون صفة كمال، لامتناع اتصافه تعالى بصفة النقص بالاتفاق، فلو كانت حادثة لكان سبحانه خاليا عنها في الأزل، والخلو عن صفة الكمال مع جواز الاتصاف بها نقص، ولا يجوز الاتصاف حال الخلو بكمال يكون زواله شرطا لحدوث هذا الكمال بأن يتصف دائما بنوع كمال تتعاقب أفراده من غير بداية ولا نهاية، لأنه على هذا لا يخلو الواجب عن الحادث في الأزل فيكون ناقصا، ولأن الحوادث المتعاقبة في الوجود الغير المتناهية ممتنعة، كما يدل عليه برهان التطبيق، ولأنه لا يخلو إما أن يكون كل من الصفات عين ذاته تعالى، أو مغايرة، أو لا عينه ولا غيره، فعلى الأول يلزم قدمها لقدم ذاته، وعلى الثاني والثالث فلا يخلو إما أن تكون واجبة لذاتها، أو ممكنة لذاتها، فإن كان الأول لزم قدمها لوجوب قدم الواجب، وإن كان الثاني فلابد لها من مؤثر، والمؤثر إما ذاته تعالى، أو غيره، والثاني محال لاستحالة احتياج الواجب إلى الغير، وإن كان الأول فلا يخلو إما أن يكون الله تعالى مؤثرا فيها بلا شرط، فيلزم قدمها لأنها عند قدم العلة التامة يلزم قدم المعلول، وإما أن يكون مؤثرا فيها بشرط قديم أو حادث، فعلى الأول يلزم قدم الصفة، وعلى الثاني يلزم التسلسل، وهو باطل؛ فثبت المطلوب. ولأنه روى الكليني عن أبي جعفر أنه قال:"كان الله ولا شيء غيره، ولم يزل عالما"،