[الفصل الثالث عشر في أن المعراج لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حق]
ذهبت الإسماعيلية والمعمرية والذمية إلى أن المعراج باطل وخبره كذب. وشبهتهم في ذلك أن الحركة البالغة إلى هذا الحد من السرعة ممتنعة.
والجواب أنها ممكنة في نفسها، كما هو المعلوم من طلوع قرص الشمس، فإنه يحصل في زمان لطيف في غاية السرعة. وقد ثبت في الهندسة أن قرصها يساوي كرة الأرض مئة وستين مرة، وذلك يدل على أن بلوغ الجسم في الحركة إلى ما ذكرنا أمر ممكن في نفسه، ولأن النص دل على أن الذي عنده علم من الكتاب أحضر عرش بلقيس من اليمن إلى الشام في مقدار لمح البصر، وقد ثبت بالدلائل القاطعة أن خالق العالم قادر على جميع الممكنات. ومن شبههم أيضا أن صعود الثقيل إلى العلو محال فإنه يميل إلى المركز دائما. والجواب أنا لا نسلم أنه محال، بل هو ممكن كما هو مشاهد من صعود الطيور العظام، وقد تقف في الجو عند قبض أجنحتها وبسطها:{أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن}، والمغناطيس إذا حاذى الحديد وهو فوقه يجذبه إلى العلو مع ثقله.
ومن شبههم أن العروج يستلزم خرق الأفلاك، وهو مستحيل.
والجواب أن الاستحالة ممنوعة، وذلك لأن الأجسام متماثلة، فيصح على كل جسم ما يصح على الآخر، والنص يدل على وقوعه، قال تعالى:{إذا السماء انشقت}، {إذا السماء انفظرت} وغير ذلك. ودلائل الفلاسفة على الاستحالة مردودة في كتب الكلام.
وذهبت طائفة أخرى من الشيعة، وهم المنصورية، إلى أن المعراج لم يكن مخصوصا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، فإن أبا منصور العجلي قد عرج بجسده إلى السماء في اليقظة.
وذهبت الإمامية إلى أن عليا رأى ما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري