والجواب أن هذه الأخبار كلها موضوعة. والحسين بن محمد روى عن الضعفاء، وكثيرا ما اعتمد على المراسيل، قال النجاشي:"ذكره أصحابنا بذلك"، والميثمي من المجسمة.
والحق ما ذهب إليه أهل السنة ومن وافقهم من أن الله تعالى لم يفوض أمر الدين إلى أحد، قال تعالى:{وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى}. ولو فوض الله تعالى أمر دينه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والأئمة لجاز العمل بكل ما روي عنهم، لأن كلا من هؤلاء صاحب شرع، فلا حاجة إلى التوفيق بين الروايات المتعارضة وارتكاب التكلفات في ذلك، أو لم يجز العمل بشيء منها، لأن كلا منهم راعى مصلحة في الأمر والنهي، وهي مستورة، فيلزم التعطيل. ولأنه لو فوض سبحانه أمر دينه إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - لم يعاتبه على كثير من الأمور، [كالإذن بالتخلف] عن غزوة تبوك وإنجاز الأسرى يوم بدر وتحريم مارية القبطية على نفسه وغيرها، والمخصص يطالب بالبرهان. والقول بأن العتاب بسبب التعجيل وترك التأمل قول لا طائل تحته، لأن من فوض الله إليه دينه وكان مأمونا من الخطأ معصوما عن الزلل كيف يصدر عنه ما يوجب العتاب؟ ولأنه - صلى الله عليه وسلم - أجل من أن يأمر وينهى ويتكلم فيما يتعلق بأمر الدين من غير روية، وقد أدبه ربه فأحسن أدبه حتى انتهى إلى ما أراد. ولأن من كان معه الروح الأمين يقومه ويسدده -على ما زعموا- كيف يصدر عنه ما يوجب العتاب؟ ولأن التأمل في الحكم ليظهر الأولى اجتهاد، وقد أجمعت الإمامية على عدم جواز الاجتهاد على المعصوم، ولو جاز تفويض الأحكام له لجاز أن يجتهد، ليظهر له ترجيح أحد الأمرين. ولأن الأئمة يروون الحلال والحرام عن آبائهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يرو أحد من الشيعة أنهم حللوا شيئا حرمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو حرموا شيئا حلله. فعزو هذا القول إليهم كذب وافتراء. وقد شددت الزيدية النكير على القائل بالتفويض، وكذبوا من عزاه إلى أهل البيت. والحق أحق بالاتباع.