[المطلب الحادي عشر في أنه تعالى يتكلم والكلام صفة من صفاته]
ذهبت الكيسانية والزيدية والإمامية إلى أن كلامه تعالى مخلوق، لأنه كلام منتظم من الحروف المسموعة التي خلقها في جبريل أو النبي أو اللوح المحفوظ. وهو باطل.
والحق ما ذهب إليه أهل السنة من أنه صفة أزلية قائمة بذاته تعالى غير مخلوقة، كسائر الصفات الثبوتية، منافية للسكوت والآفة والخرس وغير ذلك، وليست من جنس الحروف، والأصوات، والله تعالى متكلم بها، وهو كلام نفساني، وهذه العبارات دالة عليه، وتسمى العبارات كلامه أيضا على معنى أنها عبارات عن كلامه، وهو يتأدى بها، والاختلاف على العبارات دون المسمى على ما ذهب إليه الأشعرية، لأن معنى المتكلم لغة وعرفا من قام به الكلام، لا من أوجده، للقطع بأن موجد الحركة في جسم آخر لا يسمى متحركا، وقد أجمع المليون على أنه تعالى متكلم. والكلام القائم بذاته تعالى لا يكون هو اللفظي، على ما ذهبت إليه الأشعرية، فتعين أنه معنوي، وذلك ظاهر. ومن أنكر تعقل النفساني فهو من آفته. ولأنه إذا ثبت أنه تعالى متكلم لزم أن يكون الكلام صفة له، لأنه لا يشتق الفاعل لشيء باعتبار فعل غيره بالاستقراء.
واحتج من خالف أهل الحق بأنه قد علم من الدين بالضرورة أن القرآن كلام منتظم مؤلف من حروف مسموعة مفتتح بالتسمية مختتم بالاستعاذة، ولقوله تعالى:{ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث}، {إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}، {حتى يسمع كلام الله} والمسموع هو الكلام المؤلف من الحروف.
والجواب أن لفظ القرآن يطلق بطريق الاشتراك على المؤلف الحادث، وهو المتعارف