[المطلب العشرون في بيان أن الأصلح لا يجب عليه تعالى]
ذهبت الكيسانية والزيدية الغير المخلصين إلى أنه يجب على الله تعالى ما هو الأصلح الأنفع لعباده في الدين. وهو باطل.
والحق ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة ومن وافقهم من أنه لا يجب على الله تعالى شيء لما سبق غير مرة. ولأن الفعل إما واجب الوقوع أو ممتنع، والممتنع لا يقع بالاتفاق، فتعين الواجب، ولا فرق بين الأصلح وغيره من الفعل، ولأنه لو وجب الأصلح عليه تعالى لم يجر على يد كثير من عباده الشر، وقد أجراه على أيديهم. ولأن الله تعالى يعلم من الناس من لو أمكنه في الأرض أشاع البدع وسفك الدماء وظلم الناس، ومع ذلك مكنه وجعله سلطانا عليهم، فلو كان الأصلح واجبا عليه لم يمكنه. ولأنه لو وجب الأصلح عليه تعالى لم يمل للذين كفروا ليزدادوا إثما، وقد أملاهم، قال تعالى:{ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما}. ولأنه تعالى لو وجب عليه الأصلح لم يجعل صدر من يريد أن يضله ضيقا حرجا، بل وجب أن يشرحه للإسلام. ولأنه تعالى لو وجب عليه الأصلح لم يسلط على ابن آدم عدوا يراهم هو وقبيله من حيث لا يرونهم. ولأنه لو وجب عليه الأصلح لم يخلق في العبد قوة على خلق المعاصي وإرادتها ولم يجعل له ضروب التمكن، فإن الأصلح أضداد تلك الأمور. ولأنه لو وجب عليه الأصلح لزم أن يكون الواجب تعالى تاركا بعض الواجبات، فإن الأصلح لقوم موسى عليه الصلاة والسلام أن لا يرى السامري الرسول ولم يعلمه خاصية أثره حتى لا يقبض قبضة من أثر الرسول فيجعل ما يضل به الناس. ولأن الأصلح بحال الكافر المسكين المبتلى بأنواع البلايا أن لا يخلقه أو يميته في صغره قبل أن يرتكب ما يوجب الخلود في النار. ولأن الأصلح لمن يعلم سبحانه أنه لا يمتثل لأوامره ولا ينتهي