للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عما نهاه عنه أن لا يأمره ولا ينهاه. ولأن الأصلح لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينص على خلافة أبي بكر دون علي. ولأنه لو وجب الأصلح عليه تعالى لزم أن لا يستوجب الله تعالى على فعله شكرا، لكونه مؤديا لما وجب عليه، فكان كمن أدى دينا لازما، فالأمر بالشكر على ما يستوجبه قبح.

ولأنه لو وجب الأصلح عليه تعالى لما كان له منة على العباد في إفاضة الخيرات ودفع البليات، لكونها أداء للواجب، وكان الأمر بالشكر عليها سفها وعبثا، ولكان قوله تعالى: {بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} لغوا. ولعمري إن مفاسد هذا الأصل أكثر من أن تحصى.

أقول: وقد ذكر في ترجمة التحفة ما نصه: "اعترض على الشيعة القائلين بوجوب الأصلح بأن تقوية الفاسقين على قتل الأنبياء وأبناء الأنبياء في غاية القبح عقلا، وقد وقع، كقتل يحيى والحسين؛ فإن أجابوا بأن مصائب مثل هؤلاء الكرام لما كانت مجازاة بالثواب الجزيل في دار الجزاء كانت تلك الأمور حسنة وصلاحا، لا قبحا وفسادا؛ قلنا: فالأنبياء الآخرون مثلا الذين لم تصبهم مثل هذه المصائب، هل يجزون بهذا الثواب الجزيل من غير ابتلاء أم لا؟ فعلى الأول لزم ترك الأصلح وصدور القبيح في حق يحيى والحسين مثلا، وعلى الثاني يلزم تركه في حق أولئك الكرام، لأنهم لم يفوزوا بالثواب الجزيل" انتهى، وهو إلزام حسن على ما لا يخفى.

واحتج من خالف أهل الحق أن ترك الأصلح المقدور الغير مضر بخل وسفه، والله تعالى منزه عن ذلك.

والجواب أن كون ترك الأصلح بخلا وسفها ممنوع، لأنه سبحانه حكيم عالم بعواقب الأمور، وكل ما يفعله الحكيم العالم بعواقب الأمور لا يخلو عن الحكمة والمصلحة.

<<  <   >  >>