ذهبت الرافضة إلى أن ليس لله تعالى صفة، فلا حياة له ولا قدرة ولا علم ولا سمع ولا بصر، بل هو حي لا حياة له، وقادر لا قدرة له، وعالم لا علم له، وسميع لا سمع له، وبصير لا بصر له. وهو باطل.
والحق ما ذهب إليه أهل السنة من أن له سبحانه صفات أزلية ثبوتية، وهي العلم والحياة والقدرة والسمع والبصر والإرادة والكلام، وزادت الحنفية التكوين، والأشعرية البقاء. فإن النصوص دالة على وجود العلم والقدرة لقوله سبحانه:{أنزله بعلمه}، {ولا يحيطون بشيء من علمه}، {إنما أنزل بعلم الله}، {أن القوة لله}، {هو الرزاق ذو القوة المتين} ولأن كل من هو عالم فله علم، إذ لا يعقل من العالم إلا ذلك، وكذا القادر وغيره.
واحتجت الرافضة على مدعاهم بأنه لو كان له صفة فلا يخلو إما أن تكون قديمة أو حادثة؛ فعلى الأول يلزم تعدد القدماء، وهو ينافي التوحيد، وقد كفرت النصارى القائلين بتعدد القدماء، وعلى الثاني يلزم قيام الحوادث بذاته تعالى، وخلوه في الأزل من صفات الكمال. والجواب أن تعدد القدماء إنما ينافي التوحيد لو كانت ذواتا قديمة مستقلة بالألوهية، وله صفات وقدمها لقدم الذات، فلا ينافي التوحيد. وإن ما كفرت النصارى لأنهم افترقوا ثلاث فرق، فقالت فرقة: إن الله هو المسيح بن مريم، وقالت فرقة: الآلهة ثلاثة، وقالت فرقة: الإله اثنان، كما نص عليه الكتاب العزيز، ثم بعد ظهور الملة الحنيفية اتفقوا على أن الله تعالى هو جوهر واحد له أقانيم ثلاثة، يعنون بها الصفات، وهي الوجود والعلم والحياة، المعبر عنها بالأب والابن وروح القدس، ومثلوه بالسراج، وأن أقنوم العلم اتحد بجسد عيسى، وتدرعت بناسوته، ثم افترقوا على