[المطلب العاشر في أنه تعالى عالم بما كان وما يكون]
ذهبت الشيطانية إلى أنه تعالى لا يعلم الأشياء قبل كونها. وذهبت الزرارية وطائفة أخرى من الإمامية إلى أنه تعالى لم يعلم الأشياء في الأزل، وإنما علمها [بعد] أن خلق لنفسه علما. وذهبت الحكمية وطائفة ممن تبعهم من الاثني عشرية كمقداد صاحب كنز العرفان وغيره إلى أنه تعالى لا يعلم الجزئيات إلا عند وقوعها. وهذا الكلام كله باطل.
والحق ما ذهب إليه أهل الحق وجماهير الفرق الإسلامية والمليون من أنه تعالى يعلم الأشياء قبل كونها، وأن علمه تعالى يعم الممكنات؛ لقوله تعالى:{والله بكل شيء عليم}، {عالم الغيب والشهادة}، {قد أحاط بكل شيء علما}، {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها}، {جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم} فإن جعله سبحانه الكعبة والشهر الحرام والقلائد قياما للناس لجلب المصالح لهم ودفع المضار قبل وقوعها دليل على علمه تعالى بالشيء قبل كونه، إلى غير ذلك من الآيات التي أخبر بها قبل وقوعها، مثل غلبة الروم على فارس بعد غلبهم في بضع سنين، وكلام أهل الجنة لأهل النار، ونحو ذلك. ولأن مصحف فاطمة مشحون بالأخبار عن الأشياء قبل وقوعها بإجماع الإمامية.