للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل العشرون في بيان غلو الرافضة في مذاهبهم الباطلة]

اعلم أن أشد الفرق الهالكة غلوا في مذهبهم الرافضة، فإنهم يغلون في دينهم أشد المغالاة ويقولون على الله ما لا يعلمون. وهم أشبه الناس باليهود كما سبق.

وقد اتفق جميع فرقهم على الغلو في أمير المؤمنين كرم الله تعالى وجهه حتى فضلوه على الأنبياء، وفي تكفير بعض أمهات المؤمنين والمهاجرين والأنصار الذين مدحهم الله تعالى في كتابه وأخبر بأنه رضي عنهم ورضوا عنه وأنهم أصحاب الجنة. وقد بالغت الرافضة في تتبع مثالبهم والاستدلال على مطاعنهم بالأخبار الموضوعة والأخبار التي لا توجب علما، مع أن لها محامل صحيحة. وقد ورد في القرآن ما يدل بظاهره على صدور الذنب عن بعض الأنبياء، كقوله تعالى: {وعصى آدم ربه فغوى} وسيجيء ما يتعلق بهذا في مباحث النبوة إن شاء الله تعالى. وقد روي عن الأمير من الأفعال والأقوال ما يدل بظاهره على صدور الذنب، كما ذكره المرتضى في تنزيه الأنبياء والأئمة. وقد جعلت الرافضة الآيات الواردة في فضائلهم من المتشابهات، كما ذكره ابن شهر آشوب في مثالبه، وجعلت الأحاديث الصحيحة فيها من الموضوعات.

وأما ما تفردت به كل فرقة من الغلو فهو في الدعاوى الكاذبة والعقائد الزائغة.

أما الغلاة فغلوهم ظاهر، حيث اتخذوا ابن البشر إلها، وقالوا بتعدد الآلهة والحلول من غير دليل.

وأما الكيسانية فغلوهم في إمامة محمد بن علي بعد أبيه من غير برهان، مع وجود السبطين، ودعوى كونه معصوما دونهما، وأنه حي في جبل رضوى، مع أربعين رجلا من أصحابه، عنده ماء وعسل، وأنه صاحب الزمان، وأنه يظهر بعد حين، وأن الله تعالى يوحي إلى الأئمة ونوابهم، وأن من خالفهم كافر.

وأما المختارية منهم فغلوهم في المختار بن أبي عبيد الثقفي حتى قالوا إنه يوحى إليه، وقد ادعى ذلك لنفسه. وهو الكذاب الذي أخبر عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إن في

<<  <   >  >>