وقوله تعالى:{قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} فإن حبيب النجار لما قتل قيل له ذلك. وقوله عليه الصلاة والسلام:"القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المؤمن يفسح له في قبره مد بصره ويفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها". رواه أحمد وأبو داود عن البراء بن عازب. إلى غير ذلك.
واحتج المنكرون بالنقل والعقل.
أما النقل فقوله تعالى في صفة أهل الجنة:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} فلو كان في القبر حياة أخرى وموت آخر لذاقوا موتين.
والجواب أنه ليس في القبر إحياء وإماتة، بل يخلق الله تعالى نوع حياة يدرك به اللذة والألم بسبب انعكاس الروح على الجسد. وأما قول الكفار:{رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} فالمراد بالإماتتين إماتة الدنيا والصعقة التي تكون بين النفخة الأولى ونفخة الصعقة، ويكون الموت بين النفختين كالإغماء ولا يسمى ذلك موتا حقيقة ولا مجازا. والمراد بالإحيائين الإحياء في الدنيا والآخرة، ولأن المراد به الجنس لا العدد كما في قوله تعالى:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} والجنس يتناول المتعدد. وليس في الآية نفي التعدد.
وأما العقل فإن إدراك اللذة والألم والتكلم لا يتصور بدون الحياة والعلم، ولا حياة مع فساد البنية وبطلان المزاج. ولو سلم فإنا نرى الملقى في الأرض والمصلوب يبقى مدة