للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أن يبلى ولا يشاهد فيه إحياء ولا حركة ولا سكون ولا أثر عذاب أو نعيم، بل لو وضع على صدره كف من خردل يرى ولو بعد حين باقيا على حاله.

والجواب أن ذلك كله من الأمور الممكنة، وقد أخبر به الصادق. وأمثال ما ذكروه من الاستبعادات لا ينفي الإمكان. ولأن الله تعالى يخلق للميت نوع حياة يدرك بها اللذة ويفهم المسالة ويقدر على الجواب، ولكنها تخفى على الأحياء من الثقلين، كالنائم يرى أنه يأكل ويشرب ويجامع ويلتذ حتى يرى الأثر على جسده كالمني ويرى أنه وقع في النار واحترقت أعضاؤه ويدرك ألم الحرق ويخفى ذلك على المستيقظين. والله سبحانه قادر على إبقاء الخردل بحالها على صدر الميت وهو على كل شيء قدير. وقد رأى بعض الصلحاء أثر الحريق في بعض القبور. وروي أن مجوسيا جاء إلى عمر بن الخطاب ومعه ثلاث رؤوس فقال: يا عمر إن نبيكم كان يقول إن من خرج من الدنيا على غير الإسلام فهو يحرق بالنار، وتلا قوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} فقال عمر: بلى، فأخرج العلج الرؤوس: إن هذا رأس أبي وهذا رأس أمي وهذا رأس أخي وأنا أضع يدي على هذه الرؤوس فلا أرى فيها أثر الحريق، فاستحضر عليا فلما حضر قال للمجوسي: أعد السؤال، فأعاد فقال علي: ائتوني بحدر وحديد، فأتي به فقال للمجوسي: ضع يدك عليهما فقال: هل تجد أثر الحر؟ فقال: لا أجد بل هما باردان، فقال: اضرب الحديد على الحجر، فضرب فخرجت النار من بينهما، فقال للمجوسي: أفتنكر أن يكون وسط هذه الرؤوس نار وأنت لا تجد حرها؟ والله تعالى قادر أن يجعل بين أعضاء الميت وترابه نارا وأنت تجد حرها كما جعل في الحجر والحديد. وما ذلك على الله بعزيز.

<<  <   >  >>