فتحت، ومحمد بن أبي بكر قد استشهد، فعند الله نحسبه ولدا ناصحا وعاملا كادحا وسيفا قاطعا وركنا رافعا، وقد كنت حثثت الناس على لحاقه وأمرتهم بغياثه قبل الوقعة ودعوتهم سرا وجهرا وعودا وبدءا، فمنهم الآتي كارها ومنهم المعتل كاذبا ومنهم القاعد خاذلا، أسأل الله تعالى أن يجعل منهم فرجا عاجلا، فوالله لولا طمعي عند لقاء عدوي في الشهادة وتوطيني نفسي على المنية، لأحببت ألا ألقى مع هؤلاء يوما واحدا ولا ألتقي بهم أبدا".
ومن ذلك قوله في خطبة خطبها حين بلغه أن سفيان بن عوف -من أمراء معاوية- وردت خيله الأنبار وقابل من كان هناك من رعيته: "والله يميت القلب ويجلب الهم ما نرى من اجتماع هؤلاء على باطلهم وتفرقكم عن حقكم، فقبحا لكم وترحا، حين صرتم غرضا يرمى، يغار عليكم، وتفرون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون، فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر، قلتم هذه كحمارة القيظ، أمهلنا يسبخ عنا الحر، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء، قلتم هذه صبارة القر، أمهلنا ينسلخ عنا البرد، كل هذا فرارا من الحر والقر، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون، فأنتم والله من السيف أفر،