ومن ذلك قوله في خطبة أخرى له في استنفار الناس إلى أهل الشام:"أف لكم، لقد سئمت عتابكم، أرضيتم بالحياة الدنيا عن الآخرة عوضا؟ ومن الذل عن العز خلفا؟ إذا دعوتكم إلى جهاد أعدائكم دارت أعينكم كأنكم، من الموت في غمرة، ومن الذهول في سكرة، يرتج عليكم حواري فتعمهون وكأن قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون، ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي، ما أنتم بركن يمال بكم، ولا زوافر عز يفتقر إليكم، ما أنتم إلا كإبل ضل رعاتها، فكلما جمعت من جانب انتشرت من آخر، بئس لعمر الله سعر نار الحرب أنتم، تكادون ولا تكيدون، وتنتقص أطرافكم ولا تمتغضون، ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون".
ومن ذلك قوله في خطبة أخرى له: "منيت بمن لا يطيع إذا أمرت، ولا يجيب إذا دعوت، لا أبا لكم، ما تنتصرون بنصركم ربكم، لا دين يجمعكم، ولا حمية تحميكم، أقوم فيكم مستصرخا، وأناديكم متغوثا، فلا تسمعون إلي قولا، ولا تطيعون لي أمرا، حتى تكشف الأمور عن عواقب المساءة، فما يدرك بكم ثار، ولا، يبلغ منكم مرام، دعوتكم إلى نصر إخوانكم، فجرجرتم جرجرة الجمل الأشر وتثاقلتم تثاقل النضو الأدبر، ثم خرج منكم جنيد متذائب ضعيف، كأنما. يساقون إلى