للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طبقاته حدا يمنع تواطئهم على الكذب.

وما رواه سائر الصحابة في ادعاء الرسالة وإظهار المعجزة على وفق الدعوى وإنزال الله تعالى القرآن لا يفيد شيئا؛ لأنه خبر جمع أجمعوا على نبذ وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى مخالفة أوامره ونواهيه، وعدم قبول خلافة من استخلفه عليهم، واتفقوا على قرآن محرف، قد نقص كثير من آياته وسوره، وتواطؤا على الحكم بغير ما أنزل الله تعالى، كغسل الرجلين في الوضوء ومسح الخفين، وحكمهم بصحة خلافة من لم يستخلفه الرسول، واعتقادهم سنية ما ابتدعه وأحدثه خلفاؤهم، كصلاة التراويح وحرمة المتعة، وغير ذلك مما اعتقده أهل الزيغ في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا يحتج به لجواز أن يكون اتفاقهم على أمر النبوة مثل اتفاقهم على تلك الأمور. فإنه إذا أخبر جمع غير محصورين، بما يجوز توافقهم على الكذب فيه لغرض من الأغراض لا يكون ذلك الخبر متواترا من غير نكير، ولأنه يجوز أن يكون الراوي لإظهار المعجزة ونزول القرآن جمع مخصوص لا كل من رآه وآمن به، وخبر غيرهم بذلك موافقة لهم؛ لأنهم كانوا لا يبالون من الكذب، أو أن يكون اتفاقهم على ذلك لمصلحة دنيوية، فإن هؤلاء القوم زعموا أن قريشا سمعوا من الكهنة أن رجلا من قريش من أولاد هاشم بن عبد مناف، اسمه محمد واسم أبيه عبد الله، يدعي النبوة ويحارب من يخالفه ويغلب عليهم ويملك بلاد العرب وتدين له العرب وتخاف منه العجم، وأصحابه يغزون الروم وفارس ويغلبون عليهم فيملكون بلادهم وأموالهم ويسبون ذراريهم

<<  <   >  >>