للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من فصل بيني وبين آلي بعلَى فقد جفاني"، وهو من الأخبار الموضوعة المختلقة، ولا يقول به غيرهم من فرق الإسلام، وأنه يجوز للرجل نكاح ثماني عشرة امرأة لقوله تعالى: {فانحكوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} فإن مثنى معدول عن اثنين اثنين، وثلاث عن ثلاثة ثلاثة، ورباع عن أربعة أربعة، فالمراد من مثنى أربعة، ومن ثلاث ستة، ومن رباع ثمانية، والمجموع ثماني عشرة امرأة.

وهذا من الأوهام الفاسدة، فإن الآية لا تدل عليه، لأن مثل هذا الكلام يستعمل في مقام حصر الأقسام فيما دل عليه لفظ العدد، فمعنى جاء القوم مثنى وثلاث ورباع جاء كل قسم من أقسام القوم اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، والثاني توكيد للأول؛ إلا أنه التزم ذكره لأن التكرير علامة على إرادة التوكيد، وليس من لوازم التأكيد جواز إسقاطه، إذ رب تأكيد يلزم حتى يصير كأنه من الكلمة، نص عليه سيبويه في الكتاب، ومثّل ذلك بما الزائدة في "لا سيما زيدٍ" بجر زيد، فإنها لا تحذف، فصار سيما وما كأنها كلمة واحدة. فمعنى الآية: فانكحوا ما طاب لكم من أقسام أعداد النساء، أي فلينكح كل منكم ما طاب له من النساء، إن شاء اثنين اثنين، وإن شاء ثلاثة ثلاثة، وإن شاء أربعة أربعة، لا أكثر من ذلك كخمسة خمسة، ولم يسمع من العرب استعمال مثل هذا الكلام في غير مقام حصر الأقسام. وتمام الكلام على هذه الآية في كتب التفاسير، وفي روح المعاني - تفسير الجد رحمه الله تعالى - في هذا المقام ما يشفي العليل ويروي الغليل. على أنا لو فرضنا أن الآية لا دلالة فيها على المنع من الزيادة على الأربع فالسنة المتواترة تكفي فيه، فقد نصت على جواز الأربع والمنع من الزائد عليه، وانعقد إجماع الأمة عليه قبل ظهور هذه الفرقة.

وأما الباطنية من الإسماعيلية فكتبهم قليلة جدا، منها كتاب البيان وكتاب تأويل القرآن وكتاب تأويل الأخبار وكتاب التأويلات المنسوب إلى

<<  <   >  >>