الآخر، والعجز نقص. ولأن المعلول لا بد له من فاعل، والواحد كاف، وما زاد عليه عدد ليس أولى من الآخر، فيفضي ذلك إلى أعداد غير متناهية، وهو محال.
ولأنه لو كانا موجودان واجبا الوجود فلا يخلو إما أن يكونا متوافقين في الماهية، أو متباينين فيها، وعلى كلا التقديرين يلزم تركيب كل منهما، أما على التقدير الأول فلتركيب كل منهما في الوجوب والتمايز في الماهية، لأنه لو كان واجبا الوجود متفقين لكان بينهما تمايز، وما به المشاركة بين الشيئين مغاير لما به امتياز كل واحد منهما عن الآخر، فيلزم تركيب كل منهما من جزئين، ثم إن ذينك الجزئين إما أن يكونا واجبين أو لا، فعلى الأول يلزم اشتراكهما في الوجوب والتباين في الماهية، فيكون كل منهما مركبا من جزئين آخرين؛ فيلزم التسلسل وعلى الثاني يلزم أن يكون أحدهما أو كلاهما ممكنا، وقد فرضنا واجبين، هذا خلف، ولأنه لو تعدد الواجب فإما أن يقع تخالف بينهما أو لا، وعلى الأول إما أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر، فيلزم كون الآخر عاجزا، أو يحصل مراد كليهما فيلزم اجتماع النقيضين، وعلى الثاني إما أن يكون قدرة كل منهما وإرادته كافية في وجود العالم؛ فيلزم اجتماع العلتين التامتين على معلول واحد بالشخص، وهو باطل، أو لا شيء منهما كاف، فيلزم أن يكون كل منهما عاجزا، وأن لا يكون خالقا، فلا يكون إلها. ولأنه لو وجد إلهان متصف كل منهما بالعلم والقدرة والإرادة، فوجود مقدور معين، كحركة جسم معين في زمان معين فوقوعه إما أن يكون بهما، فيلزم توارد العلتين المستقلتين على معلول واحد بالشخص، وإما أن يكون بأحدهما، فيلزم الترجيح بلا مرجح.
ولأنه لو وجد إلهان كل منهما جامع لصفات الألوهية، فإذا أراد أحدهما أمرا كحركة جسم مثلا فإما أن يتمكن الآخر من إرادة ضده أو لا، وكلاهما محال لاستلزامه اجتماع الضدين، أو لا يقع مراد واحد منهما، وهو محال لاستلزامه عجز الإلهين المفروضين بكمال القدرة، ولاستلزامه ارتفاع الضدين المفروض امتناع خلو المحل عنهما، كحركة جسم وسكونه في زمان معين، أو يقع مراد أحدهما دون الآخر، وهو محال لاستلزامه الترجيح بلا مرجح وعجز من فرض قادرا حيث لم يقدر على ما هو ممكن في نفسه، أعني إرادة الصدور، ولا شك في امتناع احتمال الإرادتين، وهو لا ينافي الإمكان، ولأنه لو تعدد الإله لا يكون العالم، لأن