على مضاجعهم، ويكبرون الله تعالى بأصوات مرتفعة، بأيديهم سيوف ذوات شفرتين، لينتقموا من الأمم الذين لا يعبدونه، يوثقون ملوكهم بالقيود، وأشرافهم بالأغلال". ومعلوم أن سيوف العرب هي ذوات الشفرتين، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - هو المنتقم بها من الأمم. وفيه: "أن الله أظهر من صيفون إكليلا محمودا"، وصيفون العرب، والإكليل النبوة، ومحمود هو محمد - صلى الله عليه وسلم -. وفي مزمور آخر منه: "أنه يجوز من بحر إلى بحر، ومن أنهار إلى أنهار، إلى منقطع الأرض، وأن تخر أهل الجزائر بين يديه على ركبهم، وتلحس أعداؤه التراب، تأتيه الملوك بالقرابين، وتسجد وتدين له الأمم بالطاعة والانقياد، لأنه يخلص الضطهد البائس ممن هو أقوى منه، وينقذ الضعيف الذي لا ناصر له، ويرأف بالضعفاء والمساكين، وأنه يعطي من ذهب بلاد شتى، ويصلي عليه في كل وقت، ويبارك عليه في كل يوم، ويدوم ذكره إلى الأبد". ومعلوم أنه لم يكن هذا إلا لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، إلى غير ذلك من البشائر التي لا تحصيها الدفاتر، وكلها تدل صراحة على أن النبي محمد لا علي. وقد اعترفت العيسوية من اليهود وكثير من النصارى بنبوته - صلى الله عليه وسلم -، غير أنهم يزعمون أنه مبعوث للعرب خاصة.
وقد ثبت عن أمير المؤمنين كرم الله وجهه لدى الفريقين أنه كان يقول: "وأشهد أن محمدا عبده المصطفى وأمينه المرتضى، أرسله لوجوب الحجج وظهور الفلج وإيضاح المنهج، فبلغ الرسالة صادعا بها، وحمل على الحجة دالا عليها". وكان يقول أيضا: "أقام أعلام الاهتداء ومنار الضياء"، ولأنه لما ادعى محمد - صلى الله عليه وسلم - النبوة بادر علي إلى تصديقه، فآمن به ونصره وقاتل معه من أنكر نبوته.