الإمام لطف في غاية السفاهة يضحك عليه، إذ لو كان لطفا لكان بالتأييد والإظهار لا بغلبة المخالفين و [الاستتار]، فإذا لم يكن التأييد في البين، لم يكن النصب لطفا كما يظهر لذي عينين.
وما أجاب عنه بعض الإمامية -بأن وجود الإمام لطف، وتصرفه وتمكينه لطف آخر، وعدم تصرف الأئمة إنما هو من فساد العباد وكثرة العناد، فإنهم خوفوهم ومنعوهم بحيث تركوا من خوفهم على أنفسهم إظهار الإمامة، وإذا ترك الناس نصرتهم لسوء اختيارهم فلا يلزم قباحة في كونه واجبا عليه تعالى، والاستتار والخوف من سنن الأنبياء، فقد اختفى - صلى الله عليه وسلم - في الغار خوفا من الكفار- ففيه غفلة عن المقدمات المأخوذة في الاعتراض، إذ المعترض يقول الوجود بشرط التصرف والنصرة لطف، وبدونه متضمن لمفاسد. فالواجب في الجواب التعرض لدفع لزوم المفاسد، ولم يتعرض له كما لا يخفى. وأيضا يرد على القائل بكونه لطفا آخر ترك الواجب عليه تعالى، وهذا أقبح من ترك النصب. وأيضا يقال عليه: هذا اللطف الآخر إما من لوازم النصب أو لا، فعلى الأول لزم من تركه ترك النصب لأن ترك اللازم يستلزم ترك الملزوم. وعلى الثاني لم يبق النصب لطفا للزوم المفاسد الكثيرة، بل يكون سفها وعبثا تعالى الله عن ذلك.
وأيضا ما ذكره من تخويف الناس للأئمة غير مسلم، وهذه كتب التواريخ المعتبرة في البين. وأيضا التخويف الموجب للاستتار إنما هو إذا كان بالقتل، وهذا لا يتصور في حق الأئمة لأنهم يموتون باختيارهم كما أثبت ذلك الكليني في الكافي وبوّب له. وأيضا لا يفعل الأئمة أمرا إلا بإذن، فلو كان الاختفاء بأمره تعالى وقد مضت مدة والخفاء هو الخفاء، فلا لطف بلا امتراء.