صلح أخيه الحسن مع معاوية:«لو جزّ أنفي كان أحب إلي مما فعله أخي». أننسى أن الضرورات تبيح المحظورات. ثم إظهار الكراهة لخلاف المصلحة المعقولة للكاره لا تكون قبيحة. وأيضا الاختلاف بين أكابر الدين في المصالح المنجر إلى عدم الرضا لا يقدح في أحد الجانبين. فليحفظ وليفهم.
ثم لا يغتر بما تقوله أهل الزور على أهل السنة من أنهم يقولون بخلافة معاوية بعد الشهيد، حاشا وكلا. بل هم يقولون بصحة خلافته بعد صلح الحسن، إلا أنه غير راشد. والراشدون هم الخمسة، بل قالوا إنه باغ.
فإن قلت إذا ثبت بغيه لم لا يجوز لعنه؟ جوابه: إن أهل السنة لا يجوزون لعن مرتكب الكبيرة مطلقا، فعلى هذا لا تخصيص بالباغي لأنه مرتكب كبيرة أيضا، ومرتكب الكبيرة مؤمن لدى الفريقين، على أنه إذا كان باغيا بلا دليل. وأما كان بغيه بالاجتهاد ولو فاسد فلا إثم عليه فضلا عن الكبيرة. ويشهد لهم قوله تعالى:{واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}. والأمر بالشيء نهي عن ضده عند الإمامية، فالنهي عن اللعن واضح.
نعم ورد اللعن في الوصف في حق أهل الكبائر، مثل قوله تعالى:{ألا لعنة الله على الظالمين} وقوله تعالى: {فنجعل لعنة الله على الكاذبين} لكن هذا اللعن بالحقيقة على الوصف لا على صاحبه. ولو فرض عليه يكون وجود الإيمان مانعا والمانع مقدم [كما هو] عند الشيعة. وأيضا وجود العلة مع المانع لا يكون مقتضيا، فاللعن لا يكون مترتبا على وجود