إن قتل الأمير إياهم لم يكن لطلب الإسلام بل لانتظام أحوال الإمام، ولم ينقل في العرف القديم والجديد أن يقال لإطاعة الإمام إسلام ولمخالفته كفر. ومع هذا نقل الشيعة روايات صحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حق الأمير أنه قال:"إنك يا علي تقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله". وظاهر أن المقاتلة على تأويل القرآن لا تكون إلا بعد قبول تنزيله، وذلك لا يعقل بدون الإسلام، بل هو عينه، فلا يمكن المقاتلة على التأويل مع المقاتلة على الإسلام. وهو ظاهر.
ومنها قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}. مدح الله تعالى في هذه الآية الكريمة الذين قاتلوا المرتدين بأكمل الصفات وأعلى المبرات، وقد وقع ذلك من الصديق وأنصاره بالإجماع، لأن ثلاث فرق قد ارتدوا في آخر عهده عليه السلام. الأولى بنو مدلج قوم أسود العنسي ذي الخمار الذي ادعى النبوة في اليمن وقتل