الثاني أن قوما جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقتلوا آباءهم وأبناءهم وإخوانهم وأقاربهم ولم يراعوا حقهم نصرة لله تعالى ورسوله وقد حضروا هذه البيعة ولم يخالفوا، أفيليق بهم ما نسب. العاقل لا يقول به.
الثالث: أن جما غفيرا من الصحابة قد وقع اتفاقهم على خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وكل ما يكون متفقا عليه لجماعة الأمة فهو حق وخلافه باطل بما ذكره في نهج البلاغة مرويا عن الأمير في كلام له:«الزموا السواد الأعظم فإن يد الله على الجماعة، وإياكم والفرقة فإن الشاذ من الناس للشيطان كما أن الشاذ من الغنم للذئب».
الرابع أن أمير المؤمنين لما سئل عن أحوال الصحابة الماضين وصفهم بلوازم الولاية وقال كما في نهج البلاغة:«كانوا إذا ذكروا الله هملت أعينهم حتى تبل جباههم ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفا من العقاب ورجاء للثواب». فالإنكار من هؤلاء والإصرار على مخالفة الله والرسول - صلى الله عليه وسلم - من المحالات.
الخامس: ما ذكر في الصحيفة الكاملة للسجاد من الدعاء لهم ومدح متابعيهم، ولا احتمال للتقية في الخلوات وبين يدي رب البريات. ونصه:«اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} خير جزائك، الذين قصدوا سمتهم وتحروا وجهتهم ومضوا في قفو أثرهم والائتمام بهداية منارهم يدينون بدينهم على شاكلتهم، لم يأتهم ريب في قصدهم ولم يختلج شك في صدورهم» إلى آخر ما قال.