وأيضا لو كان حالا من ضمير {يؤتون} لم يكن فيه كثير مدح، إذ الصلاة إنما تمدح إذا خلت عن الحركات المقلقة بالغير وقطع صاحبها العلائق عما سوى الخالق المتوجه إليه الواقف بين يديه. ومع هذا لا دخل لهذا القيد بالإجماع لا طردا ولا عكسا في صحة الإمامة، فالتعليق به لغو ينزه الباري تعالى عنه. على أنها معارضة بما تقدم فافهم.
وتكلف صاحب إظهار الحق غاية التكلف وتعسف نهاية التعسف في تصحيح هذا الاستدلال وتنميق هذا المقال، فلم يأت إلا بقشور لا لب وكلمات لا يرتضيها ذو عقل ولب. فمن جملة ما قال: إن الأمر بمحبة الله ورسوله يكون بطريق الوجوب والحتم لا محالة، فكذا الأمر بمحبة المؤمنين وولايتهم المتصفين بتلك الصفات المذكورة أيضا يكون بطريق الوجوب، إذ الحكم في كلام واحد يكون موضوعه متحدا أو متعددا أو متعاطفا لا يمكن أن يكون بعضه واجبا وبعضه مندوبا، إذ لا يجوز أخذ اللفظ في استعمال واحد بالمعنيين، فبهذا المقتضى تصير مودة المؤمنين واجبة وثالثة لمودة الله ورسوله الواجبة على الإطلاق بدون قيد وجهة، فلو أخذ أن المراد بالمؤمنين كافة المسلمين باعتبار أن من شأنهم الاتصاف بتلك الصفات لا يصح، لأن معرفة كل منهم متعذرة لكل واحد من المكلفين فضلا عن مودتهم. وأيضا قد تكون المعاداة لمؤمن بسبب من الأسباب مباحة بل واجبة. فالمراد به البعض وهو المرتضى. انتهى كلامه.
وهو كلام الوقاحة منه تفور والجهالة تروي عنه، إذ مع تسليم المقدمات أين اللزوم بين الدليل والمدعى؟ وإذا تعذر العام كيف يتعين الأمير وهو المتنازع فيه؟ واستنتاج المتعين من المطلق وقاحة وجهل محض كما لا يخفى.
ثم نقول: لا يخفى على من له أدنى تأمل أن موالاة المؤمنين من جهة الإيمان عام بلا قيد ولا جهة، وهي موالاة لإيمانهم في الحقيقة، والعداوة لسبب غير ضار في الموالاة من جهة الإيمان. ثم ماذا يقول في قوله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم