وهكذا استفسروا منه - صلى الله عليه وسلم - من يكون حريا بالإمامة. أيضا عن علي رضي الله تعالى عنه قال:«قيل يا رسول الله من يؤمر بعدك؟ قال: إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أمينا في الدنيا راغبا في الآخرة وإن تؤمروا عمر تجدوه أمينا لا يخاف في الله لومة لائم وإن تؤمروا عليا ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الصراط المستقيم» رواه أحمد، وهذا الالتماس والاستفسار يقتضي كل منهما وقوع التردد في حضوره - صلى الله عليه وسلم - عند نزول الآية فلم يبطل مدلول «إنما». انتهى.
وفيه أن محض الاستفسار لا يقتضي وقوع التردد. نعم لو كانوا شاوروا في هذا الأمر وخالفوا ونازعوا بعضهم بعضا بعد ما سمعوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - تحقق المدلول [لإنما]، وليس فليس. ومجرد السؤال غير مقتض لـ"إنما" على ما في كتب المعاني. وأيضا سلمنا التردد لكن لم يعلم أنه بعد الآية أو قبلها متصلا أو منفصلا سببا للنزل أو اتفاقيا، فلا بد من إثبات القبلية والاتصال والسببية وأنى ذلك. والاحتمال غير كاف في الاستدلال فلا تغفل. وليعلم أن الحديث الثاني ينافي الحصر صريحا، لأنه - صلى الله عليه وسلم - في مقام السؤال عن المستحق للخلافة ذكر الشيخين فكيف الحصر؟ فإن كانت الآية متقدمة لزم مخالفة الرسول القرآن أو بالعكس لزم التكذيب. والنسخ لا يعقل في الأخبار على ما تقرر. ومع هذا تقدُّم كلًّ مجهولٌ فسقط العمل. وإن قيل الحديث خبر الواحد وهو غير مقبول في الإمامة، قلنا وكذلك لا يصح في مقام إثبات التردد الاستدلال به، وأيضا الاستدلال بالآية موقوف عليه فافهم. وأيضا الحديث الأول يفيد أن ترك الاستخلاف أصلح فتركَه، كما يفهم من الآية تركُه.
ومنها قوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم