الأخرى كنت أنت درء الناس ومثابا للمسلمين». وقد مرت نصيحة أخرى حين أراد أن يخرج عمر رضي الله تعالى عنه إلى دفع فتنة نهاوند، حيث قال له الأمير كرم الله تعالى وجهه:«إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلة .. » إلخ.
والعجب من الشيعة [أنهم] يقولون هذا ونحوه لقلة الأعوان والأنصار، ثم يروون ما يناقضه، كما روى أبان بن عياش عن سليم بن قيس الهلالي وغيره أن عمر قال لعلي:«لئن لم تبايع أبا بكر لنقتلنك، قال له علي: لولا عهد عهده إلى خليلي لست أخونه لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا». فهذه الرواية تدل بالصراحة على كثرة الأعوان وأن السكوت لما سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - بصحة إمامة الصديق. والدليل العقلي يؤيده، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يليق بمقامه أمر مثل الإمام بتعطيل أمر الله وحرمان الأمة من لطفه واتباع أهل الباطل. كيف وقد قال الله تعالى في زمان الكلفة والمشقة وقبل تمام الدين:{يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} أفيأمر أسد الله بعد تمام الدين بالجبن والخوف وإفساد أمر المسلمين وترك تبليغ الأحكام واتباع الفساق والظلام: {أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون} حاشاه ثم حاشاه، أولئك مبرؤون مما يقولون.
وقال ابن طاوس سبط أبي جعفر الطوسي إن ترك منازعة الإمام وإظهار الرضى في الأحكام كان اقتداء بأفعال الله تعالى، وهي إمهال الجاني والتأني في المؤاخذة، والتأني محمود والعجول لا يسود.
وقد ارتضى هذا الجم الغفير ممن يدعي أنه شيعة الأمير. وهو مما يضحك المغبون ويتعجب منه العاقل والمجنون، كيف والاقتداء بأفعال الله تعالى فيما نهى عنه الشرع غير جائز فضلا عن أن يكون واجبا، إذ الباري قد ينصر الكفرة ويعين الفجرة ويخذل الصلحاء ويقدر الرزق على العلماء، أفيجوز الاقتداء بهذه