وأيضا وصول الخبر إلى المكلفين إما بواسطة معصوم أو بواسطة تواتر، ففي الأول يلزم الدور، وفي الثاني يلزم خلاف الواقع، لأن كل تواتر ليس مفيدا للعلم القطعي عند الشيعة، كتواتر المسح على الخف، وغسل الرجلين في الوضوء، و {أمة هي أربى من أمة}، وصيغة التحيات ونحو ذلك. فلا بد من التعيين، وذلك غير مفيد، إذ حصول العلم القطعي من التواتر يكون بناء على كثرة الناقلين وبلوغهم ذلك المبلغ، ولما كذب الناقلون في مادة أو مادتين ارتفع الاعتماد عن اقسامه. ولا يرد هذا في الأنبياء للمعجزة وبتميزهم على غيرهم. وفرق بين التابع والمتبوع فافهم.
وأما الكبرى فلأن الأمير قال لأصحابه:«لا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل، فإنني لست بفوق أن أخطئ ولا آمن من ذلك في فِعلي» كذا في النهج. وهذا لا يصدر من معصوم، لا سيما وبعده:«إلا أن يلقي الله في نفسي ما هو أملك به مني» والمعصوم يملكه الله تعالى نفسه. وأيضا روي في دعاء الأمير:«اللهم اغفر لي ما تقربت به إليك ثم خالفه قلبي» كذا في النهج أيضا، فليتدبر حق التدبر.
ومنها أن الإمام لا بد من أن لا يرتكب الكفر قط، لقوله تعالى:{لا ينال عهدي الظالمين} والكافر ظالم لقوله تعالى: {والكافرون هو الظالمون}، وغير الأمير من الصحابة عبدوا الأصنام في الجاهلية، فيكون هو إماما دون غيره.
وفيه ما في الأول. والنقض بابن عباس. لا يقال اشتراط العصمة تدفعه لأنا نقول بعد التسليم، فالدليل ذاك لا هذا كما لا يخفى. وأيضا من تاب وآمن وعمل صالحا لا يصدق عليه الظلم، إذ تقرر أن المشتق فيما قام به المبدأ في الحال حقيقة وفي غيره بشرط الاطراد