للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ثانيا فلأن الإظهار لم يكن من عند الدعوى، ودعوى ذلك محض كذب، فالرد والدحي والمحاربة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا دعوى بالإجماع. على أن ذلك من معجزاته - صلى الله عليه وسلم - لا من معجزاته رضي الله تعالى عنه. وحمل الصخرة على تقدير تسليمه لم ينقل مقارنته للدعوى، وعلى تقدير النقل فالإمامة إذ ذلك حق له دون غيره عندنا أيضا وليس محل النزاع. ومحاربة الجن لا أثر لها في كتب أهل السنة أيضا.

ومنها أن الأمير كان متظلما ومتشكيا من الخلفاء الثلاثة دائما في حياته، وبيّن أنه مظلوم ومقهور، وما ذاك إلا لغصب الإمامة منه، فتكون الإمامة حقه دون غيره، إذ الأمير صادق بالإجماع.

وأنت تعلم أن هذا الدليل غير مذكور بتمامه، فإن كبراه مطوية وهي «وكل من كان كذلك فهو إمام» فيلزم من بعد تسليمه أن يكون كل من أوذي منهم بحد أو قصاص ونحو ذلك إماما، وهو باطل. واعتبار القيود الأخر يبطل التعدد ويجعله حشوا.

وأجيب عن هذا الدليل بمنع صحة تلك الروايات، لأن أهل السنة لم يثبت عندهم إلا روايات الموافقة والمناصحة والثناء والذكر الجميل ونحو ذلك. وأكثر روايات الإمامية في هذا الباب موافقة لروايات أهل السنة كما تقدم نقله عن الأمير في نهج البلاغة في قصة عمر، ومن ثنائه عليهم وذكرهم بالخير في حياتهم وبعد مماتهم. وروايات أهل السنة في هذا الباب أكثر من أن تحصى.

ولنذكر منها رواية واحدة رواها الحافظ أبو سعيد بن السمان في كتابه الموافقة وغيره من المحدثين عن محمد بن عقيل بن أبي طالب: أنه لما قبض أبو بكر الصديق وسجي عليه ارتجت المدينة بالبكاء كيوم قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء علي باكيا مسترجعا وهو يقول: «اليوم انقطعت خلافة النبوة» فوقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر مسجى فقال: «رحمك الله أبا بكر، كنت إلف رسول الله وأنيسه ومستروحه وثقته وموضع سره ومشاورته، كنت أول قومه

<<  <   >  >>