وجوابه أن في قتله شبهة، إذ قد شهد عنده أن مالك وأهله أظهروا السرور فضربوا بالدف وشتموا أهل الإسلام عند وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل وقد قال في حضور خالد في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: رجلكم أو صاحبكم، وهذا التعبير إذ ذاك من شعار الكفار المرتدين. وثبت عنه أيضا أنه قال لما سمع بالوفاة فردّ صدقات قومه عليهم:"قد نجوتم من مؤنة هذا الرجل". فلما حكي هذا للصديق لم يوجب عليه القصاص ولا الحد إذ لا موجب لهما. فليتدبر. هذا ثم إن الصديق حكم في درء القصاص حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ قد ثبت في التواريخ أن خالدا هذا أغار على قوم مسلمين فجرى على لسانهم:"صبأنا صبأنا" أي صرنا بلا دين، وكان مرادهم أنا تبنا عن ديننا القديم ودخلنا في الصراط المستقيم، فقتلهم خالد حتى غضب عبد الله بن عمر فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسف وقال:"اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد"، ولم يقتص منه ولم يودهم. فالفعل هو الفعل، على أن الصديق أودى.