الإرسال موجبا لسلب اللياقة يلزم عدم لياقة الحسنين، معاذ الله من ذلك.
ومنها أن أبا بكر ولّى عمر أمور المسلمين مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولاه على أخذ الصدقات سنة ثم عزله، فالتولية مخالفة.
ويجاب بأن هذا محض جهالة. أفيقال لانقطاع العمل عزل؟ وعلى تقدير العزل فأين النهي عن توليته كي يلزم المخالفة بالتولية؟ فافهم.
ومنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعله وعمر تابعين لعمرو بن العاص وأسامة أيضا، ولو كانا لائقين لأمّرهما.
ويجاب بأن ذلك لا يدل على الأفضلية ونفي اللياقة، إذ المصلحة ربما اقتضت ذلك. فإن عمرا ذا خديعة ومكر وحيل عارفا بمكائد الأعداء، ولم يكن غيره فيها كذلك، كما يولّى مثل هذا لأخذ السارقين وعسس الليل ونحوهما مما لا يولى عليه الأكابر. وأسامة استشهد أبوه على أيدي كفار الشام والروم، فكان ذلك تسلية له وتشفية. وأيضا مقصود النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك إطلاعهما على حال التابع والمتبوع كما هو شأن تربية الحكيم خادمه، فلا تغفل.
ومنها أن أبا بكر استخلف والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف، فقد خالف.
ويجاب بأنه - صلى الله عليه وسلم - أشار بالاستخلاف، والإشارة إذ ذاك كالعبارة. وفي زمن الصديق كثر المسلمون من العرب والعجم وهم حديثو عهد بالإسلام وأهله، فلا معرفة لهم بالرموز والإشارات، فلا بد من التنصيص والعبارات حتى لا تقع المنازعات والمشاجرات. وفي كل زمان رجال، ولكل مقام مقال. وأيضا عدم استخلاف النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان لعلمه بالوحي بخلافة الصديق كما ثبت في صحيح مسلم، ولا كذلك الصديق إذ لا يوحى إليه ولم تساعده قرائن فعمل بالأصلح للأمة. ونعم ما عمل فقد فتح البلاد ورفع ذوي الرشاد وأباد الكفار وأعاذ الأبرار.
ومنها أن أبا بكر كان يقول: "إن لي شيطانا يعتريني، فإن استقمت فأعينوني وإن