والجواب أن الموهوب لا يصير ملكا للموهوب له إلا بعد التصرف، وكان في يده عليه الصلاة والسلام يتصرف فيه كما يشاء إلى أن قضى نحبه. ولم يرد أبو بكر شهادة علي وأم أيمن بل طلب امرأة أخرى ليتم نصاب الشهادة، فلو حكم لكان مخالفا للنص. وعصمة المدعي لا توجب الحكم على وفق دعواه من غير بينة لعموم النص. ولا يقدح فيه غضبها، فإن الوعيد في إغضابها، والضابط في الإغضاب أن يقول الإنسان قولا أو فعلا يقصد بذلك أذى شخص فيغضب به. ولم يقصد أبو بكر أذاها، حاشاه ثم حاشاه عن ذلك، ولكنه حكم حكما شرعيا فغضبت منه. وفاطمة رضي الله تعالى عنها مع نزاهة باطنها وطهارة قلبها كانت من البشر وكان لها نفس، وللنفس صفات تظهرها. وقد غضب موسى غضبا شديدا على أخيه حتى أخذ برأسه يجره إليه وألقى الألواح التي فيها كلام الله، وكان رسولا من أولي العزم وكان هارون أكبر منه. قال تعالى:{وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ} وقال تعالى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا}. والقول بأنه لم يغضب ولكنه أظهر الغضب رجم بالغيب ودعوى بلا دليل.
ولأنه قد وقع منها الغضب مرارا على علي بن أبي طالب كما هو مشهور بين الفريقين. فمن ذلك أنها غضبت عليه لما أراد أن يخطب بنت أبي جهل وجاءت بين يدي أبيها - صلى الله عليه وسلم - باكية وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لذلك: "ألا إن