ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مأمورا باستشارة الصحابة لقوله تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} وكان عظماؤهم إذا أمرهم بأمر يراجعونه، فإن كان المأمور به جزما ما أمرهم به ولا تركه برأيهم. وقد راجعه علي حين استخلفه على المدينة فقال:"أتخلفني في النساء والصبيان". ولأنه تعالى قال:{لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ}، فإنه ناص على أنه قد يوافقهم في بعض من الأمر. ولأنه لو كان مأمورا بها من عند الله لأمضاه ولم يلتفت إلى قول من خالفه لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}. ولأن سكوته - صلى الله عليه وسلم - دال على أنه رضي بما أشار به عمر.
ولأن الإمامية روت أنه - صلى الله عليه وسلم - رد ما أوحي إليه في غدير خم ولم يأتمر بما أمره ربه، وقد سبق ذلك في مباحث النبوة. ولأنهم رووا عن الأئمة أنهم حكموا بخلاف ما أنزل الله في كثير من الأحكام، وذلك مثل وطئ أمة الغير بإذنه، وقد قال تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} وليس المحلَّلة زوجة ولا ملك يمين، وكجواز الصلاة مع الثوب المطلخ بدم الجروح والقروح، وقد قال تعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}، وكروايتهم عن الصادق النهي عن تعليم المرأة مسائل الاحتلام، وكروايتهم عن الكاظم النهي عن تعليم الخلق أصول دينهم، وقد أمر الله بذلك.
هذا وأقول إن لهذا الكلام تتمة لم يذكرها المؤلف، فإن أحببت الوقوف عليها فارجع إلى ترجمة التحفة أو مختصرها.