للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب أن تلك القصة إنما كانت في أول زمان الهجرة قبل التأدب بآداب الشريعة، فما وقع حينئذ كانوا معذورين فيه، ولهذا لم يتوعدهم عليه ولم يعاتبهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به. والآية خارجة مخرج العتاب بطريق الوعظ والنصيحة. على أنه قد أعقب ذلك الفعل أنواع من الطاعات والاستغفار، و {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}.

ومنها أنه ورد فيهم ما روي عن أنس بن مالك وحذيفة بن اليمان مرفوعا: "ليردن علي أناس من أصحابي حتى إذا رأيتهم وعرفتهم اختلجوا دوني، فأقول: يا رب أصحابي أصحابي، فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك". وفي رواية: "فأقول: سحقا سحقا".

والجواب عنه أولا بأنا لا نسلم بأن المراد بأصحابي الصحابة بالمعنى المتعارف، بل المراد بهم مطلق المؤمنين به - صلى الله عليه وسلم - المتبعين له. وهذا كما يقال لمقلدي أبي حنيفة أصحاب أبي حنيفة ولمقلدي الشافعي [أصحاب الشافعي] وهكذا، وإن لم يكن هناك رؤية واجتماع، وكما يقول الرجل للماضين الموافقين له في المذهب أصحابنا، مع

<<  <   >  >>