وبقي الملك فيهم مع المنازع مائتي سنة، ثم ضعفت شوكتهم ووهنت قوتهم، فاستولى عليهم أرذل الرعايا وأقلهم مالا وعددا من أهل السنة وقاتلوهم فانهزموا واستولوا على بلاد سجستان وقندهار وقرة، ثم حاصروا أصبهان وكان ملك الرافضة يسكن فيها، فسير أمراءه من حكام البلاد جنودهم رسلا ليدعوهم إلى محاربتهم فأتاه أكثر من مائة ألف فارس وجمع لا يكاد يحصى من الرجالة، وكان مع من خرج عليه اثنا عشر ألف فارس ولم يكن معهم من الرجالة إلا شرذمة قليلة، فغلبوهم بإذن الله وقتلوا من الرافضة جمعا لا يحصى عددهم وهرب من بقي منهم، فخلت ربوعهم وتفرقت جموعهم وتشتت شملهم وذوى فرعهم وأصلهم. وتحصن السلطان ومن معه من الأمراء والأهالي في البلد، فحاصرهم أهل السنة وضيقوا عليهم أنفاسهم فضاقت عليهم الأرض، حتى اضطروا إلى أكل أوراق الأشجار، بل إلى أكل الميتة ولحم الخنزير. فاضطر السلطان إلى أخذ العهد بأن لا يصل إليه ضرر، وسلم الملك إلى أمير الجيش وأهل السنة، فدخل البلد وجلس على سرير السلطنة وسجن السلطان مع ولده وأهله في دار من أحسن الدور، وعين له خدما ومؤنة وافية وأعزه غاية الإعزاز وتزوج بنته. ثم فتح سائر بلاد فارس والعراق وأذربيجان وغيره وولى الوزراة وزير السلطان وأقر كثيرا من الأمراء على ما كانوا عليه من المناصب. فاجتمع من كان في قلبه مرض في دار بعض الأمراء وشاوره على قتل الملك، فلما عزم الأمر تفرقوا، فأخبر الملك بما أسروا من المكر فقتلهم جميعا وقتل سلطانهم مع من كان معه من الرجال، وكتب إلى أمرائه وسائر البلاد أن يقتلوا كل من وجدوه من أولي الشوكة منهم فقتلوهم وقتلوا كثيرا من روافض فارس وقم وكاشان وهمدان وبعض بلاد خراسان وشروان. ونهض جمع كثير من رعايا هراة وأمروا عليهم بعض رؤسائهم وجاهدوا الروافض، فقتلوهم