ثم تعين هشام الأحول وهشام بن سالم وأحول آخر يلقب بشيطان الطاق. فطفق كل منهم مع من وافقهم يدعون الناس إلى إمامة علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ثم إلى إمامة محمد بن علي الباقر. فتبعهم جمع من التفضيلية والمختارية، ورجعت جماعة كثيرة من الشيعة إلى مذهبهم. وهؤلاء الرهط أسلاف الشيعة الإمامية وقدماء دعاتهم ورواة أخبارهم ومتكلميهم، مع أنهم قد بلغوا في الضلال ما علمت واتبعوا أهواءهم من دون الله فضلوا وأضلوا. والأئمة الذين يدعون هؤلاء أنهم يروون عنهم أحكام الدين كانوا يتبرؤون منهم ويكذبون ما يروون عنهم من العقائد الباطلة والهفوات الزائغة ويدعون عليهم بالهلاك. وقد ثبت ذلك بالآثار الصحيحة المروية من طريق الإمامية أيضا كما سيجيء إن شاء الله تعالى ذكره في غير موضع من هذا الكتاب.
ودعى أصحاب زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب جمعا من الشيعة إلى إمامته لما بايعه جمع كثير سرا. ونهض يطلب الخلافة. وكان الإمام أبو حنيفة تعالى يحض الناس على إمامته ويقول:"لولا ودائع الناس عندي لجاهدت الأعداء معه". فقاتل أمير العراقين. ولما أخبر به عبد الملك بن مروان جهز إليه خمسة آلاف مقاتل، فقتلوه وغلبوا في مواطن كثيرة. ثم رفضه الجم الغفير من أهل الكوفة ممن ينتحلون حب جده ويزعمون أنهم من خلص الشيعة.
ومن دعاة الزيدية يحيى بن زيد بن علي. ومنهم أبو عبد الله يحيى بن الحسين بن القاسم الحسيني، من ولد الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الملقب بالهادي، وكان فاضلا نبيلا وعالما جليلا. استولى على بلاد اليمن سنة ثمان ومائتين، ثم استولى على الحجاز. وصنف كتابا في فقه الزيدية سماه الأحكام.