إن للذكر والدعاء آداباً مشروعة، وشروطاً مفروضة، فمن وَفَّى وُفِّي له، ومن لزم تلك السيرة على شروط الآداب أوشك نيل ما سأل، ومن أخل بالآداب استحق ثلاث خلال: المقت، والبعد، والحرمان - عياذاً بالله تعالى -.
وها أنا أذكر آداب الذكر والدعاء وشروطهما.
[١]- فمن آدابه: أن تعلم أن سيرة الأنبياء والمرسلين والأولياء الصالحين، إن أرادوا استقضاء حاجة عند مولاهم، أن يبادروا قبل السؤال فيقوموا بين يدي ربهم، فَيَصُفُّوا أقدامهم، ويبسطوا أكفهم، ويرسلوا دموعهم على خدودهم، فيبدؤوا بالتوبة من معاصيهم، والتنصل من مخالفتهم، ويستبطنوا الخشوع في قلوبهم، ويتمسكنوا، ويتذللوا ...
فيبدؤون بالثناء على معبودهم، وتقديسه، وتنزيهه، وتعظيمه، والثناء عليه بما هو أهله، ثم يرغبون في الدعاء.
هذا إبراهيم خليل الله - عليه السلام - لما أراد مناجاة مولاه في استقضاء حوائجه، واستدرار ما في خزائنه، بدأ بالثناء على ربه قبل سؤاله، فبدأ
(١) جُل هذه الآداب مأخوذة من كتاب ((الدعاء المأثور وآدابه)) لأبي بكر الطرطوشي - رحمه الله - وكتاب ((الأذكار)) للنووي رحمه الله، وكتاب ((الصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة)) لمصطفى العدوي - حفظه الله - بتصرف.