للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحاصل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد ترغيبهم في قراءة القرآن، وتزهيدهم في الدنيا ومتاعها.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ قَعَدَ مَقْعَداً لَمْ يَذْكُرِ اللهَ فِيْهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ، ومَنِ اضْطَجَعَ مَضْجَعاً لَمْ يَذْكُرِ اللهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ)) (١).

- صحابي الحديث هو أبو هريرة - رضي الله عنه -.

يعني: من جلس مجلساً لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة؛ أي: نقص؛ أصله من وَتَرَ يَتِرُ تِرَةٌ، ومنه قوله تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}.

قال الزمخشري - رحمه الله -: ((من وَتَرْتَ الرجل إذا قَتَلْتَ له قَتيلاً من ولد أو أخ أو حميم، وحقيقته أفردته من قريبه أو ماله؛ من الوتر: وهو الفرد؛ فشبه إضاعة عمل العامل، وتعطيل ثوابه بوتر الواتر، وهو من فصيح الكلام، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِر أهله وماله)) (٢)؛ أي: أفرد عنهما قتلاً ونهباً)).

وأشار - صلى الله عليه وسلم - بذلك إلى أنه على العبد أن يستغرق جميع أوقاته، في جميع أحواله بذكر الله تعالى ولا يفتُرُ عنه؛ فإن تركهُ حسرة وندامة.


(١) أبو داود (٤/ ٢٦٤) [برقم (٤٨٥٦)]، وغيره، وانظر صحيح الجامع (٥/ ٣٤٢) [برقم (٦٤٧٧)]. (ق).
(٢) رواه البخاري برقم (٥٢٢)، ومسلم برقم (٦٢٦). (م).

<<  <   >  >>