للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكثير كلها في علم التصوف. وهو فصيح اللسان، بارع فهم الجنان، قوي على الإيراد، كلما طلب الزيادة يزداد. رحل إلى العدوة ودخل بجاية في شهر رمضان المعظم سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وبها لقي أبا عبد الله العربي وجماعة من الأفاضل.

وذكر لي إنه دخل بجاية في التاريخ المذكور، قال: رأيت ليلة أني نكحت نجوم السماء كلها فما بقي منها نجم في السماء إلا نكحته بلذة عظيمة روحانية، ثم لما كملت نكاح النجوم، أعطيت الحروف فنكحتها، ثم عرضت قصتي هذه على رجل عارف بالرؤيا بصير بها، فقلت للذي عرضتها عليه لا تذكرني، فلما ذكر المنام له استعظم ذلك وقال: هذا هو البحر الذي لا يدرك قعره، صاحب هذه الرؤيا يفتح الله تعالى له من العلوم العلوية، وعلوم الأسرار وخواص الكوكب، ما لا يكون فيه أحد من أهل زمانه، ثم سكت ساعة وقال: أن كان صاحب هذه الرؤيا في هذه المدينة، فهو هذا الشاب الأندلسي الذي وصل إليها.

قال: ثم شرع في السفر واستقر به القرار، واطمأنت به الدار، وألف التآليف وكثر التصانيف، وفيها ما فيها أن قيض الله من يسامح ويسهل ويتأول الخير سهل المرام، ويسلك فيه سبيل الأفاضل الكرام، وإن كان ممن ينظر بحسب الظاهر، ولا يسامح في نظر ناظر، فالأمر صعب، والمرتقى وعر. وقد نقد عليه أهل الديار المصرية ما صدر عنه من المصادرات، وعملوا على إراقة دمه كما أريق دم الحلاج وأشباهه، وكان الشفيع له في تلك القضية

<<  <   >  >>