ومنهم، الشيخ الفقيه، الإمام العالم، العامل الجليل الفاضل، المجتهد العابد الموفق، أبو عبد الله ابن شعيب من أهل العلم والعمل، له التفنن في العلوم، عالم بالأصلين والفقه والتصوف، محصل لمذهب مالك كما يجب. أصله من هسكورة من المغرب، وقرأ بالمغرب ثم ارتحل إلى المشرق. ولم يرتحل إلى المشرق حتى كان يدرس بالمغرب ويقرأ عليه.
وسمعت إنه كان يستظهر كتاب اللخمي قبل سفره إلى البلاد، وذكر لي إنه قال:"دخلت البلاد وحضرت دروس أهلها فلم يتبين لي ما يقولون لعدم معرفتي باصطلاحاتهم، فأقمت سنة لا أتحدث في شيء، وبعد السنة علمت الاصطلاح وشاركتهم وأربيت عليهم بالحفظ".
حج بيت الله الحرام ولازم الاشتغال والاجتهاد وأقام في البلاد ثلاثا وعشرين سنة بثغر الإسكندرية المحروسة، ثم رجع إلى حاضرة تونس حرسها الله تعالى وبها ظهر حاله، وعرف علمه وجلاله. وتبسط للإقراء ودرس عليه الناس وانتفعوا به. وكان أصحابه أفضل الطلبة وأنجبهم، وولي المدارس فزانها بنظره، وجملها بحميد أثره.