ومنهم، الشيخ الفقيه، العالم الفاضل، المحقق المتقن، أبو جعفر ابن أمية وهو ابن مقلة زمانه بارع الخط، حسن الضبط، مليح التنبيه. ووقفت على جملة كتب وعليها خطه في تنبيهات وتقييدات في كل فن من كتب الحكمة وكتب العربية وكتب تفسير القرآن العزيز، فما منها كتاب إلا وفي كثير من مواضعه بخطه تنبيه، أما تقييد المطلق وإما تخصيص العام وإما تفسير اللغة أو بيان وجه إعراب، وكل ذلك مما يروق خطه ولفظه ومعناه، هذا فيما قابله أو طالعه، وأما ما نسخه فأعجب من ذلك ولا يكاد أن يوجد فيه غلط بوجه.
له تقدم في العلوم وتفنن في علوم الحكمة وعلوم الشريعة وعلم الأدب والعربية، وله كتابة بارعة وأشعار رائقة، أنشدني بعض أصحابنا من شعره في التحقيق هذين البيتين وهما حسنان في معناهما:-
ظهرت فلم تعرف لشدة غفلة ... عرضت فأنكرت النفوس ظهورها
ولقد أطالوا الخبط فيها عشوة ... وهي التي قد أشهدتهم نورها
وله شعر كثير في النسب والحكمة والتصوف، ومما استحسنه:-
أأمسك دمعا وقد أرسلت ... علي من الهجر ريح عقيم
غفت مقلة الوصل إغفاءة ... كنومة أهل الرقيم
فإن كان نهج الرضى مائلا ... فان صراط المستقيم مستقيم