ومنهم، الشيخ الفقيه الجليل، المحدث الحافظ المتقن الوجيه أبو زكرياء يحيى بن أبي الحسن اللفتني من أهل الأندلس. رحل إلى بجاية واستوطنها وقرأ بها وأسمع، وهو أحد من أخذ عنه شيخنا الفقيه أبو محمد عبد الله بن عبادة رحمه الله رواية وتفقها ودراية، وكان جلوسه بالجامع الأعظم شرفه الله بذكره، وكان ذلك في عشر الثلاثين وستمائة.
ولقد وقعت مسألة في ذلك الزمان بمجلس أبي الحسن الحرالي رضي الله عنه، في حكم الغسلات الثلاث إذا أتى بها المكلف، فحكى الشيخ رحمه الله عن بعض أهل العلم إنه قال: أن جميعها واجب، فبلغ ذلك الفقيه أبا زكرياء فأنكره نقلا وفقها، فذكر الشيخ رحمه الله أن ذلك نقل وفقه، وأحال في النقل على كتب ابن بطال في شرح البخاري، وأما الفقه أن هذا يكون كخصال الكفارة في قول من يقول أن جميعها واجب ويسقط الفرض بالواحد منها، ومسند هذا أن الله تعالى أمر بالغسل، والغسل مصدر يدل على القليل والكثير، فالواحدة من مضمنه وكذلك الاثنان والثلاثة، وأورد عليه على هذا أن يزيد على الثلاث، لأن المصدر يتناول ذلك، وقال: يمتنع لقوله عليه الصلاة والسلام، الثلاث شرف، والزيادة سرف، والإجماع أورد عليه جواز الترك،