ومنهم الشيخ المبارك الصالح الفاضل الواصل، أبو عبد الله العربي رضي الله عنه. كان من أولياء الله المقربين، ومن عباد الله الذين هم لمعالم العلي أخص الوارثين. قال أبو بكر ابن العربي الطائي الحاتمي: وهو من الأميين كشيبان الراعي، وكان رضي الله عنه مخفيا لأمره، مستترا بصورة البله مدة دهره، كان يحج من بجاية في بعض العشر من ذي الحجة ويرجع من غير أن يعلم بذلك سوى من هو على السرائر والخفيات مطلع.
وكان رضي الله عنه كثيرا ما يركب قصبة كما يفعل الصبيان سترا منه لحاله، ولقد وصل في بعض الأحيان من ناحية الشام جفن في شهر ذي الحجة عهد ثمانية أيام، فبينما الشيخ بحومة باب البحر إذ رآه النصراني صاحب الجفن وقال له: يا سيدي خذ مزودك الذي دفعته لي بالشام، فركب قصبته وانفصل عنه، فحلف النصراني وقال: والله ما دفع لي هذا الشيخ المزود إلا بالشام منذ ثمانية أيام والله ما هو إلا ولي الله.
ولما كان في عام الاركش احتزم في يوم من الأيام وركب قصبة ومسك قصبة أخرى في يده عوضا عن مزراق، وجعل يكر ويفر وهو يتفصد عرقا إلى أن رمى بالقصبة من يده ضاربا بها في جهة عدوه وقائلا عند رميها: في سبيل الله، وسقط إلى الأرض من شدة جهده، ومبلغ كده، فأرخ ذلك الوقت من اليوم، فكان هو اليوم الذي هزم فيه النصارى في عام الاركش وهو يوم