[٢٩ - أبو محمد عطية الله بن منصور الزواوي اليراتني]
ــ
ومنهم، الشيخ الفقيه، الصالح العابد، الموفق الموهوب من عطايا الله السنية، ما صار به اسمه المبارك جامعا بين اعتبار الإضافة والعلمية، وهو أبو محمد عطية الله بن منصور الزواوي اليراتني جمع بين العلم والعمل، وبلغ في مراقي التقوى غاية الأمل.
سمعت ممن أثق به، أن وليين من أولياء الله تعالى، وردا على منزله ضيفين وهو حديث السن، وكان بعيد الحفظ، فتوسما فيه سمة العلم والتقوى، وقوى في باطنهما إنه ممن يستحق مناصب أولي العلم والنهى، فاتفقا على الوجهة إلى الله تعالى في أمره، والضراعة إليه أن يفيض عليه من خيره، فأخذاه وأجلساه بين أيديهما، وجعلا يجذبان شعر رأسه وأذنيه ويقرءان عليه، ولا يظهر لهما في أمره جلاء وهما يقولان "لن تغلبا عليه لن تغلبا عليه" فلم يزالا كذلك إلى أن ظهر لهما أنجح حاله، وعقب مآله، فأرسلاه من أيديهما فظهرت عليه ظواهر الأنوار، وتبدت له غرائب وأسرار، وكان في نهاية الحفظ والإتقان لا يطالع شيئا إلا حفظه من ساعته. ولقد سمعت من بعض الشيوخ، رحمهم الله، إنه سمع بكتاب غريب عند بعض الطلبة، وإنه وجه إليه في نسخة فتعلل عليه، فطلبه أن يعيره له ليلة واحدة، فأسعفه لذلك فطالعه من أوله إلى آخره، فحفظه من ليلته فأعاد الكتاب إليه ثم أملاه من صدره.