رضي الله عنه، إنه قرأ حتى انتهى إلى سورة تبارك الذي بيده الملك، فظهرت له معالم العلى، وتحلى من مواهب الله بأحسن الحلي، فكانت تلك السورة سدرة منتهاه، وغاية مرماه.
أخبرني بعض المشيخة رضي الله عنهم، أن الشيخين القاضيين، أبا علي المسيلي وأبا محمد عبد الحق الاشبيلي رضي الله عنهما، سمعا عنه إنه يأتي من العلم بفنون، وإنه اطلع من أمر الله على سره المكنون، مع إنه لم ينته بالقراءة إلا إلى السورة المذكورة فكانا يتعجبان، ويكادان يحيلان ما عنه يسمعان، فاتفق رأيهما على الاجتماع معه، والاطلاع على ما عنده، فسارا إليه إلى أحد مسجديه الذين كان يجلس فيهما مع بعض خواص أصحابه، فدخلا فألفياه يفيض في أمور، ويستخرج الدرر من قيعان البحور، فجلسا إلى أن فرغ من كلامه، ورجع إلى ما يخصه من مرامه، فسلما عليه وسلم عليهما ولم يكن لهما رؤية قبل فقال لهما أما هذا فالفقيه أبو محمد عبد الحق، وأما هذا فالفقيه أبو علي المسيلي، فقالا نعم، وكان هذا من جملة كراماته، وإن صح أن يقال في هذا إنه مما تقرر عنده من رسم الصفة، فأحق أن ينسب ذلك إلى طريق الكرامة، فسألاه حيث انتهى بدراسته، وعن مبلغ قراءته، وذكرا له أنهما سمعا عنه إنه انتهى إلى سورة تبارك الذي بيده الملك، وإنه لم يزد عليها، فأجابهما رضي الله عنه وقال لهما نعم كانت سورتي، فوجدتها سدرتي، ولو تعديتها لأحرقتني سبحات الوجه الكريم، ثم التفت إليهما مخاطبا بنزعة صوفية مشيرا عن يمينه ويساره وهو يقول "بي قل وعلي دل فأنا الكل" فانفصلا عنه وقد تأكد العلم