استوطن بجاية مدة طويلة وأقرأ بها ودرس، له علم بالفقه وأصوله، وحديث حسن في معقوله ومنقوله، وله أدب هو فيه فريد دهره، وسابق أهل عصره. والكثير من الطلبة بعتقدون، أن الفقيه إنما هو أديب ليس إلا لاشتهار أدبه اشتهارا غطى على ما عداه من طلبه. والناس يتداولون كتبه ويستحسنونها ويؤثرونها على كتب غيره ويفضلونه، وبالواجب علم الله، أن يكون ذلك لسلوكه حسن منهجه الذي هو فيه أول سالك.
وما رأيت من الكتاب ما أعجبني مثل كتب الفقيه أبي المطرف إلا كتب أبي جعفر ابن عطية، والكتاب كثير وكتب هذين الرجلين عندي مقدم على غيرهما، ولقد بلغني إنه كتب عن المستنصر باستدعاء أبي عبد الله الابار من بجاية بما نصه:-
على قدر حبي قد أتتك بشارتي ... وحسبك ما أجملته من إشارتي
هنيئا هنيئا قد رفلت من المنى = بأفخر ملبوس وأجمل شارة أنعمت الخلافة العزيزة العليا المنصورة أيد الله أوامرها، وأخلد مفاخرها، بقدومكم على حضرتها السعيدة المباركة التي هي مركز راية الحق، ومجتمع وفود الخلق أمرت عبدها، أعلى الله جدها، وأمضى حدها، أن نخاطبكم بذلك، فاعزموا بحول الله على الحركة، وبادروا إليها على الخيرة والبركة. فقد تعين لكم الزاد الكريم، واستقبلكم من خير النظر ما به يبرأ السقيم، ويسعد الظاعن والمقيم والله يوزعنا معشر عبيد المقام الكريم، شكر نعم لولا