وإني لراض أخذه من حشاشتي ... دما رمق بعض الحياة به أبقى
وإن يبقى لي مما استباح بقية ... فرق له تلك البقية ما أبقى
ألا بأبي من لا أرى في الهوى سوى ... محياه شمس أو سنا ثغره برقا
ولا خمر إلا من لماه ولحظه ... ولا غصن إلا القد لا ما ارتقت ورقا
ولا زهر إلا من رياض بخده ... بماء النعيم اعتاد ناظره يسقى
تخال به الخيلان حسا حوارسا ... كمائم ورد صدر مئزرها شقا
هناك يهون الصعب في بذل مهجة ... يميل لما أهواه حتما وان شقا
ويجتمع الضدان نار وأدمع ... فلا كبد تروى ولا عبرة ترقى
لئن لدغت قلبي عقارب صدغه ... فريقته الترياق لي وبها أرقى
تهوم هواه البحر والبحر زاخر ... ترى مهج العشاق في لجج غرقى
ولي مذهب في عشقه وطريقة ... مسالكها في الحب لا تشبه الطرقا
حلوم ذوي الأحلام تسبي لأنها ... يلاحظ منه السر لا الخلق والخلقا
تعلمت من عينيه عشقى لحسنه ... فلله ألحاظ تعلمني العشقا
فلو أن هاروتا رأى سحر ظرفه ... أقر بأن السحر من لحظه اشتقا
ولو أن عشاق الجمال كما أرى ... رأوه لهاموا عند رؤيته شوقا
وكل محب في الجمال يرى به ... إلى العالم العلوي همته ترقى
عسى الرفق بي يوما يمر بباله ... قصارى مرام العبد من ملك رفقا
فيا طامعا في الوصل منه تسل، هل ... سمعت بإشراك تصاد بها العنقا
وله هذا التخميس المركب على هذه القطعة القافية، وهذه القطعة كان بعض الأدباء من المشرق يزعم أنها له وأنشدناها، وسئل أبو عبد الله ابن عبد السلام تخميسها فخمسها ولا بأس به، وان ظهر في بعض أشطاره تباين مع الأصل، فإذا أرجع البصر صلح النظر:-