ذلك في مدة ابن غانية المعروف بالميورقي اللمتوني، سمعت إنه رحمه الله كان يقسم ليله أثلاثا، ثلثا للقراءة، وثلثا للعبادة، وثلثا للنوم. وكان مع ذلك متقللا من الدنيا، مقتصرا على أقل الكافي منها، وكان مصاحبا ومواليا للفقيه أبي علي المسيلي رحمه الله.
ومن نقل من أثق بنقله، ما نفله من كلام محيى الدين أبي بكر محمد بن علي ابن العربي الحاتمي الطائي وقد ذكر الشيخ أبا مدين رضي الله عنه فقال: كان الشيخ جمال الحافظ، زين العلماء، عماد الرواة، رأس المحدثين أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الاشبيلي الخطيب المحدث قد وأخاه في بجاية وأقر له بالسبق في طريق الحق، وكان إذا دخل سيدنا أبي مدين ويرى ما أيده الله تعالى به ظاهرا وباطنا، كان يجد في نفسه حالة سنية لم يكن يجدها قبل حضوره مجلسه، فيقول عند ذلك: هذا وارث على الحقيقة. انتهى. قلت: كمال حصل في الجانبين وجمال التقى من الطرفين.
وله رضي الله عنه تآليف جليلة نبل قدرها، واشتهر أمرها، وتداولها الناس رواية وقراءة وشرحا وتبينا. له "الأحكام الكبرى" في الحديث "والأحكام الصغرى" فيه، وله كتاب "العاقبة في علم التذكير" وله كتاب "التهجد" وله "اختصار الرشاطي" وهو أحسن من الأصل. وسمعت من شيخنا الفقيه أبي محمد ابن عبادة رحمه الله إنه ألف كتابا كبيرا في الأحكام